تحليل المشهد الانتخابي وتنوع الخطابات
وفي حوارٍ مع قناة العالم ببرنامج "من العراق"، وفيما يتعلق بوصول الانتخابات إلى مرحلة الصمت الانتخابي، وقبلها بدأ الصخب يرتفع كثيراً حتى اللحظات الأخيرة، وفيما إذا كان هذا الأمر سيسير بالانسيابية المتوقعة:
أكد محمد الياسر، المحلل السياسي، أن فترة الدعاية الانتخابية، وحتى قبل الدعاية الرسمية، قد شهدت ارتفاعاً في منسوب التصريحات، فبعض الجهات اعتمدت على التصريحات الطائفية، والبعض الآخر اعتمد على المنجزات مثل الخدمات، كلٌّ حسب برنامجه.
ولفت الياسر إلى أنه كان واضحاً في بعض القوى السياسية التي تعتمد على العامل القومي لإثارة الشارع، خصوصاً في المناطق المختلطة كما حدث في إقليم كردستان أو المناطق المشمولة بالمادة 140، حيث إن تصريحات صدرت من بعض المسؤولين الأكراد تؤكد أن هذه المناطق كردستانية، وذلك لدفع الشارع الكردي نحو تبني هذا الموقف.
تصاعد الخطاب الطائفي والقومي في الحملات
ونوّه الياسر إلى أن البعض الآخر ذهب إلى التصريحات الطائفية والمذهبية، مثل بعض القوى السنية التي استخدمت هذه التصريحات لإثارة الشارع ودفعه نحو المشاركة الفعالة، خاصة مع وجود تيار سياسي يتبنى مقاطعة الانتخابات. وكان هناك حديث عن الحصول على رئاسة الوزراء، وكل ذلك يندرج ضمن الدعاية الانتخابية وتفعيل الشارع.
وأضاف الياسر أن الطرف الثالث اعتمد على الجانب الخدمي. هناك قوى سياسية كان لها تمثيل أو تبنت موقفاً حكومياً معيناً في الفترة الماضية، ركزت على مشروعها لإكمال المشاريع الخدمية. كذلك القوى التشرينية بدأت في هذه الفترة بمهاجمة القوى والتيارات الإسلامية في محاولة لإعادة تشكيل صورتها وتقديم نفسها كبديل لهذه القوى.
شاهد أيضا.. كردستان العراق.. صمت انتخابي مقابل خلافات سياسية متصاعدة
توقف الضوضاء وبداية مراجعة المواقف
ولفت الياسر إلى أن هذه الفترة توقفت اليوم في مرحلة الصمت الانتخابي، حيث يراجع المواطن ما حدث. كانت هذه الفترة مليئة بالضوضاء والصخب وبعض التصريحات الخارجة عن المألوف. وكان للمفوضية دور كبير في استبعاد وإعادة العديد من المرشحين نتيجة هذه الخطابات والتصريحات. حتى قبل أيام قليلة، استبعدت المفوضية مجموعة من المرشحين نتيجة للخطاب الطائفي أو الخطاب غير القانوني أو تبني مواقف مخالفة للقوانين العراقية.

تأثير الخطابات على الطبقة الرمادية
وبسؤال الياسر فيما إذا كان المرشح العراقي قد استطاع بعد هذه الخطابات تحريك الطبقة الرمادية، خاصة أن هناك انتقادات كثيرة وُجهت بسبب البرامج والخطاب الذي يركز على مكون واحد:
رأى الياسر أن هناك تأثيراً في كردستان مثلاً، فالكثير من الشخصيات وكبار السن لديهم مواقف قومية، وهذا الخطاب أثر فيهم. كذلك في القوى السنية التي تنظر إلى أن السلطة انتُزعت منهم بعد 2003، فالخطاب الطائفي أثر فيهم أيضاً. كما أن التشرينيين والمجموعات الشابة التي تتبنى معاداة التيارات الإسلامية ومحور المقاومة والحشد تأثروا بهذا الخطاب.
ونوّه إلى أن الطبقة الرمادية تبقى الأعم والأغلب تنظر إلى البرنامج العملي وما تحقق فعلياً. ما حرك هذه الطبقة هو العمل والمنجز الخدمي المحقق في السنوات الماضية. من تبنى مشروعاً خدمياً أو اقتصادياً أو ثقافياً كان له أثر ملموس.
وأضاف أن التصريحات الطائفية والقومية أثرت أيضاً في الوسط الشيعي، بحيث أدت المقاطعة وهذه التصريحات التحريضية إلى دفع البعض لمساندة قوى معينة حتى لو لم يكونوا مقتنعين تماماً ببعض شخصياتها أو أدواتها.

توقعات المشاركة وارتفاع نسبة الإقبال
وحول توقعه بارتفاع نسبة المشاركة من الطبقة الرمادية في هذه الدورة:
رأى الياسر أن نسبة المشاركة ستكون مرتفعة لعدة أسباب. أولاً، التيار الصدري قاطع الانتخابات، وحسب حساباتنا حصل على ما يقارب 850 ألف صوت في انتخابات 2021، وهو ما يشكل نسبة من إجمالي الناخبين العراقيين المسجلين البالغ عددهم 16 مليوناً.
ما يجعل المشاركة كبيرة اليوم هو أنه في السنوات الماضية تحققت من الجانب الحكومي مشاريع خدمية حقيقية وكبيرة. بغداد والمحافظات لم تكن بهذه الصورة الخدمية من قبل، وهذا شيء حقيقي تحقق على الأرض.
وتابع: الأمر الآخر هو انتهاء بعثة الناتو في العراق، وهذا أمام جمهور المقاومة الذي وإن كان غير مقتنع تماماً بالعملية الانتخابية، لكنه يرى أن شيئاً ما تحقق. هناك نضج سياسي واستقرار أمني وتحقق اقتصادي مهم.
ولفت الياسر إلى أن الأمر الثالث والأهم الذي دفع إلى هذه المشاركة هو تصريحات الطرف الآخر حول الحصول على رئاسة الوزراء، مما سبب اندفاعاً كبيراً لدى كثير من الناس الذين يفضلون قبول النتائج الحالية على أن تذهب السلطة لجهات أخرى.
العلاقة بين الحكومة والمرشحين ودور المعارضة
وعن وجود مرشحين سيفوزون ويؤيدون السيد السوداني باعتباره رئيس الحكومة:
أكد الياسر أن السوداني هو رئيس الحكومة، والجانب الحكومي كان مهماً وفعالاً. الشخصيات الحكومية، خاصة الوزراء، كانوا على مستوى عالٍ من النجاح ورُشحوا في قوائم متعددة.
وأوضح أنه في هذه الفترة الماضية ظهر نواب كانوا معارضين للحكومة ويتبنون منهج المعارضة، وقدموا أداءً جيداً في متابعة ملفات الفساد والمسؤولين. فإذا حققت في الجانب الحكومي وقدمت منجزاً، وفي أداء المعارضة كان لبعض النواب موقف جيد، فهذا إيجابي.
ونوه أنه قبل أيام الترشيح في بعض المحافظات نظمت مظاهرات تطالب أحد النواب بإعادة الترشيح، وهو رفض أن يرشح للانتخابات للمرة الثانية. والسبب في ذلك أن الناس بدأت ترى أن بعض النواب يتحركون بأداء رقابي وتشريعي جيد، إضافة إلى المنجز الحكومي.
شاهد أيضا.. الانتخابات العراقية وخيوط المشهد الداخلي والخارجي

تأثير اختلاف التيارات السياسية على الناخب
وبسؤال الياسر عن تأثير اختلاف التيارات السياسية فيما بينها على الناخب:
أوضح أن تأثير اختلاف التيارات السياسية فيما بينها على الناخب مهم، حيث إن جزءاً من القوى السياسية معارض للتوجه الحكومي وإن كانت مشاركة فيه، لكن لديها عدم قناعة بالمنجز الحكومي. فبالتالي تذهب لتقول إن ما تحقق على الأرض فيه شبهات فساد، وتطالب بتكوين لجان نزاهة ولجان رقابة برلمانية ونواب يكشفون هذه الأمور.
وأضاف الياسر أن الأمر المهم الآخر يتمثل في أن المواطن بدأ يلمس الجانب الخدمي. من أهم الفوائد التي تحققت اليوم في البيت الشيعي أن المنافسة أصبحت على تقديم الخدمات، وهذا هو الأهم. إذا لاحظنا، كل قوائم الإطار التنسيقي التي تعادل تسع قوائم شيعية ترفع شعار البرنامج الخدمي.
منافسة خدمية وتحول في أولويات الناخب
وأضاف أنه في هذه الفترة كانت المنافسة خدمية، وهذا ما حرك الشارع، منوهاً إلى أنه جاء ذلك بسبب وجود منجزات على الأرض تحققت من خلال الحكومة، مما جعل المواطن العراقي يبدأ في تقييم البرامج الانتخابية: هناك من حقق وهناك من وعد ولم يحقق، وبالنتيجة بدأ يشاهد على الأرض أداءً فعلياً.
التفاصيل في الفيديو المرفق ...